الضعيف بسبب الطعن في الرواة(8)

 

الوجه الثامن من أوجه الطعن في الراوي: الجهالة:

تعد مسالة الجهالة من القضايا الهامة في النقد الحديثي لما يترتب عليها من أحكام تتعلق بالرواة والمرويات، وقد تباينت فيها طرائق المحدثين، فمن معتبر لها من أسباب الضعف الشديد إلى ملغ لأثرها ومعتد بروايات المجاهيل مطلقا، وبين هذا وذاك تصرّفات للأئمة النقاد ينبغي معرفتها والالتزام بها لحل كثير من المشكلات في تصحيح الأحاديث وتعليلها، تعريفها:

الجهل والجهالة نقيض العلم، يقال: جهله يجهله جهلاً وجهل عليه: أظهر الجهل كتجاهل وهو جاهل، والجمع جُهُل وجهْل  وجهَّل وجهّال وجُهَلاء.

والجهل على ثلاثة أضرب:

1- خلوّ النفس من العلم، وهذا هو الأصل.

2- اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه.

3- فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل(1).

والمراد هنا في الاصطلاح: الراوي المجهول، وهو عند أهل الحديث كما في النزهة: من لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين(2).

ويرى الخطيب البغدادي أن المجهول من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد(3).

وقد اعترض ابن الصلاح على كلام الخطيب بقوله: قد خرّج البخاري حديث جماعة ليس لهم إلا راوٍ واحد، منهم: مرداس الأسلمي، لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم.

وكذلك خرّج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد، منهم: ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولاً مردوداً برواية واحد عنه(4).

  وقد أجاب النووي عن هذا الاعتراض بقوله: والصواب نقل الخطيب ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول(5)، فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعدد الرواة(6)

أما غير الصحابة فأقل ما يرفع الجهالة عن الواحد منهم: أن يروي عنه اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم.

روى الخطيب بسنده عن يحيى بن معين أنه قال: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة(7)، لكن قد ترتفع الجهالة برواية واحد إذا كان من النقّاد الذين لا يروون إلا عن الثقات كالإمام  مالك وشعبة بن الحجاج وغيرهما.

قال ابن حجر في ترجمة عبد الله بن أبي حبيبة المدني: من تعجيل المنفعة. قال ابن الحذاء: هو من الرجال الذين اكتفي في معرفتهم برواية مالك عنهم(8).

 

 ______________________

(1) المفردات للراغب مادة ( جهل ) ، وبصائر ذوي التمييز 2/405 – 406 .

(2) شرح النخبة ص 76 .

(3) الكفاية للخطيب ص 149 .

(4) علوم الحديث ص 102 – 103 .

(5) التقريب للنووي مع التدريب ص 211 .

(6) تدريب الراوي ص 211- 212 .

(7) الكافية ص 150 .

(8) وتعجيل المنفعة ص 147 .

 



بحث عن بحث