الحلقة ( 112 )الدليل الذي استند إليه من ذهب إلى هذا التقسيم (2)

 

وقد استدل هؤلاء على ما ذهبوا إليه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوارد فى قصة تأبير النخل بمختلف رواياته، ومن هذه الروايات

1 ــــ عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل . فقال : "ما صنع هؤلاء؟" فقالوا : يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أظن يغنى ذلك شئ" قال فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً، فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عز وجل".

2 ــــ وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشئ من رأى فإنما أنا بشر ).قال عكرمة : أو نحو هذا .

3 ــــ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليهوسلم:( أنتم أعلم بأمر دنياكم )(1)

وهذا الحديث من زمن طويل كان المشجب الذى يعلق عليه من شاء، ما شاء من أمور الشرع التي يراد التحلل منها(2) ، فقد أراد بعضهم أن يحذف النظام السياسي كله من الإسلام بهذا الحديث وحده، لأن أمر السياسة أصولاً وفروعاً من أمر دنيانا، فنحن أعلم به .

فليس من شأن الوحى أن يكون له فيها تشريع أو توجيه، فالإسلام عند هؤلاء دين بلا دولة، وعقيدة بلا شريعة، وأراد آخرون أن يحذفوا النظام الاقتصادي كله من الإسلام كذلك، بسبب هذا الحديث الواحد.

 المهم أن بعض الناس أراد أن يهدم بهذا الحديث الفرد كل ما حوت دواوين السنة الزاخرة، من أحاديث البيوع، والمعاملات، والعلاقات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث لينسخ به جميع أقواله وأعماله وتقريراته الأخرى، التي تكون السنة النبوية المطهرة.


(1) أخرجه مسلم ، كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأى ( أرقام 2361 – 2363 ).

(2) السنة والتشريع لفضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين ص32، وانظر : تاريخ المذاهب الإسلامية للعلامة محمد أبو زهرة ص 241 وما بعدها ـ



بحث عن بحث