الحلقة (98)القاعدة الثامنة: السنّة والتطبيق العملي(2-3)


نستكمل الحديث عن منهجية العمل والتطبيق للسنة النبوية.

3- مع إدراك تلك المنطلقات إلا أن هناك قضية من أهم القضايا تعين على فقه سلامة التطبيق وهي تدخل في باب: حسن السياسة للتطبيق ومن أهم النقاط في هذه القضية:

أ – إدراك شمولية الدين وسعته، وفي الوقت نفسه دقته وكماله، وهذا يجعل المساحة أمام العالم وطالب السنة كبيرة في التطبيق، فمن الحكم البلاغية المفيدة هنا: لكل مقام مقال، وما كل ما يعلم يقال، ولا ما يقال يقال في كل الأحوال، وتطبيق هذا أن تفصيلات جزئيات العلم يحسن ذكرها عند طلاب العلم، ومنها التفصيل في ذكر المسائل الخلافية، بينما هذا لا يحسن بل لا يفيد عند العامة وأشباههم، ومن ذلك بعض المسائل التي لا أثر لها في التطبيق، أو تحدث إشكالًا في الدين، ومن ذلك رواية بعض الأحاديث في الغرائب، أو ما لا تدركه عقولهم، ومن ذكر تفاصيل الأسانيد ونحو ذلك.

وتأصيل هذا فيما رواه البخاري عن علي مرفوعًا: «حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله».

وهكذا جرى عمل الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم من الأئمة، يقول أبو هريرة: (حفظت من رسول الله ﷺ وعاءين فأما الأول فبثـثـته لكم، وأما الآخر فلو بثـثـته لقطع هذا البلعوم).

وذكر  أهل العلم أن المقصود بالوعاء الثاني الأحاديث التي لا ينبني عليها عمل كأحاديث الفتن وآخر الزمان ونحوها.

ووجه الشاهد: أن أبا هريرة يدرك أهمية نشر السنة لكن ما لا يترتب عليه عمل أو يحدث تشويشًا لم يحدث به، وعليه فطالب السنة عليه أن يفقه أنه ليس كل حديث يحدث به، ولا كل مسألة علمها يذكرها في كل مقام، بل يكون حصيفًا تنبيهًا يقدر الزمان والمكان والحال، وأحسب أن هذا من أعظم ما ينبغي فقهه لطالب فهم السنة.

ب- لا شكّ أن مع تقادم الزمن تستجد مسائل، وأحوال، وتنزل نوازل، ويحدث حوادث كلها تتطلب أحكامًا عملية تستند إلى الدليل الشرعي من القرآن الكريم أو السنة النبوية سواء كانت مجرد مسائل، كالنوازل الطبية والعمرانية والاجتماعية والقضائية والمالية أو على شكل علوم ومعارف عان، كعلم الاجتماع والتربية وعلم النفس وغيرها.

ومن حسن الفقه والسياسة الشرعية والفهم الدقيق لطالب السنة أن يدرك كيفية التعامل معها وإرجاعها إلى تأصيلها من السنة النبوية، ومن ذلك تجنب التسرع للقبول المطلق أو الرفض المطلق. والعجلة في اتخاذالمواقف.

ومن هنا ينادي كثير من الفقهاء والعقلاء بأهمية المجامع العلمية وتفصيلها وسرعة تعاملها للنظر في مثل هذه المستجدات.

وهذا مع وجوب إدراك أن الدين كامل، ولكل مسألة أو علم تأصيل من السنة.



بحث عن بحث