الحلقة (93)معالم ومجالات العلاقة بين العقل والسنة النبوية(3-5)

4- ومن العلاقة بين السُّنَّة والعقل أن الـمُستَنْكر في العقول السليمة لا يمكن أن يتفق مع السنة النبوية، ويظهر هذا الأمر بوضوح في مسألة: الحكم على بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي ﷺ فترد لمخالفتها للعقول السليمة، وقد فصّل في هذه المسألة العلامة ابن القيم رحمه الله قال: [ومنها – أي من أمارات الحديث الموضوع – سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه كحديث: «لو كان الأرز رجلًا لكان حليمًا، ما أكله جائع إلا أشبعه» فهذا من السمج البارد، الذي يصان عنه كلام العقلاء، فضلًا عن كلام سيّد الأنبياءوذكر جملة من الأحاديث.

وقال في موضع آخر: (ومنها أن يكون الحديث باطلًا في نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام رسول الله ﷺ كحديث...«إذا غضب الله أنزل الوحي بالفارسية، وإذا رضي أنزله بالعربية»وذكر جملة أحاديث أيضًا.

ومعنى ذلك أن هذه الأحاديث مخالفة للعقول فُردت بهذا السبب لا لأي سبب آخر فدل على أن العقل السليم يستدل به على الحكم على الحديث لكن لا بد أن يكون ذلك بأمارات وعلامات واضحة جليّة وليست لمجرد عدم الإدراك أو ضعفه لأن الاسترسال في تطبيق هذه القاعدة بإطلاق يجر إلى الطرف الآخر فتحكم العقول المجردة بجميع الأحاديث، وهذا باطل. والمسألة دقيقة ومهمة فهي ليست لكل أحد وإنما للعالم المجتهد المدرك لقواعد التصحيح والتضعيف، والقبول والرد.



بحث عن بحث