الحلقة (43): التطبيق العملي لقاعدة التعامل مع النص من حيث ثبوته (1-2)

 

لتطبيق هذه القاعدة أذكر عددًا من الأمثلة الحديثية:

المثال الأول: في مسألة النية والقصد وتعلق الأعمال بها ورد حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى...» الحديث. هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو صحيح، ومن ثم فرواته ثقات، وهو نصٌّ في مسألة: النية وأن مدار الأعمال عليها. وعلى ذلك: فشروط التصحيح منطبقة عليه حيث رواه الشيخان.

المثال الثاني: قال الترمذي: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر ابن شقيق عن أبي وائل عن عثمان بن عفان: «أن النبي ﷺ كان يخلل لحيته»(1). قال أبوعيسى هذا حديث حسن صحيح. فهذا الحديث لم يخرج في الصحيحين لكن نص على التصحيح أحد الأئمة الكبار وهو الإمام الترمذي، ولا معارض له من مثله، فهذا يحتج به.

المثال الثالث: حديث: «كان إذا ودع الجيش قال: أستودعكم الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم»(2)، قال: حدثنا العباس بن محمد، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطي، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، مرفوعًا.

وهذا الإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال مسلم غير العباس بن محمد وأبي جعفر الخطمي ـ واسمه عمير بن يزيد ـ وهما ثقتان مترجمان في «التهذيب».

وعبد الله بن يزيد الخطمي صحابي صغير، له في مسند أحمد (4/307) حديثان. ينظر: السلسلة الصحيحة (4/179).

فهذا حديث لم يخرج في الصحيحين ولم ينص أحد من الأئمة المتقدمين على تصحيحه، لكنه نظر الشيخ الألباني رحمه الله في إسناده فوجده صحيحًا بمعنى أن شروط الحديث الصحيح منطبقة عليه ولم يضعفه أحد فهو حديث يحتج به ويعمل به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (1/44 رقم29) كتاب الطهارة، باب تخليل اللحية

(2) هذا الحديث أخرجه المحاملي في كتاب الدعاء ص(30)



بحث عن بحث