المستشرقون والسنة النبوية(6-6)

 

ثالثا : المستشرقون وموقفهم من السنة النبوية

أدرك المستشرقون أهمية السنة النبوية بالنسبة للإسلام عموماً والقرآن الكريم خصوصاً، وأن التشكيك والنيل منها نيل من القرآن الكريم بل من الإسلام نفسه .

يقول المبشر الأمريكي (جب) : "إن الإسلام مبنى على الأحاديث أكثر مما هو مبنى على القرآن الكريم، ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شيء، وصار شبه صبيرة طومسون، وطومسون هذا رجل أمريكي، جاء إلى لبنان فقدمت له صبيرة فحاول أن ينقيها من البذر، فلما نقى منها كل بذرها لم يبق في يده منها شيء"(1) .

وأول مستشرق قام بمحاولة واسعة شاملة للتشكيك في الحديث النبوي كان المستشرق اليهودي "جولد تسيهر" الذي يعده المستشرقون أعمق العارفين بالحديث النبوي، كما وصفه بذلك "بفانموللر" وقال :" وبالأحرى كان "جولد تسيهر" يعتبر القسم الأعظم من الحديث بمثابة نتيجة لتطور الإسلام الديني والتاريخي والاجتماعي في القرن الأول والثاني . فالحديث بالنسبة له لا يعد وثيقة لتاريخ الإسلام في عهده الأول : عد طفولته، وإنما هو أثر من آثار الجهود التي ظهرت في المجتمع الإسلامي في عصور المراحل الناضجة لتطور الإسلام .

كما بارك جولد تسيهر موقف المعتزلة من السنة النبوية، ورأى أن وجهتهم في رد الأحاديث بالعقل هي الوجهة الصحيحة التي يجب أن تناصر وتؤيد ضد المتشددين الحرفيين الجامدين على النصوص(2) .

وعلى درب "جولد تسيهر" في موقفه من السنة صار المستشرقون ورددوا شبهاته واعتبروا أنفسهم مدينين له فيما كتبه من شبهات حول السنة .

وفى هذا يقول عنه كاتب مادة (الحديث) في دائرة المعارف الإسلامية : "إن العلم مدين ديناً كبيراً لما كتبه (جولد تسيهر) في موضوع الحديث، وقد كان تأثير "جولد تسيهر" على مسار الدراسات الإسلامية الاستشراقية أعظم مما كان لأي من معاصريه من المستشرقين فقد حدد تحديداً حاسماً اتجاه وتطور البحث فى هذه الدراسات"(3) .

ومن هنا كان الرد على هذا الداهية الخبيث رداً على عصابة المستشرقين إجمالاً فيما أثاروه من شبهات وطعون حول السنة النبوية المطهرة . وهذا ما سنعرض له فيما بعد إن شاء الله تعالى .


(1) ـــ التبشير والاستعمار للدكتور مصطفى خالد والدكتور عمر فروخ ص 98.

(2) ــ انظر : العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 109، 110.

(3) ــ دائرة المعارف الإسلامية ص231، وانظر : الاستشراق للدكتور محمود حمدى زقزوق ص122، 123.

 

 



بحث عن بحث