بسم الله الرحمن الرحيم

أ تحب أن تدخل الجنة؟ (4-5)

4- ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا، رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا)) (1).

معنى قوله سبحانه: ((رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا)) أي أعلم بما في نفوسكم من تعظيمكم أمر آبائكم وأمهاتكم وتكرمتهم، والبر بهم، وما فيها من اعتقاد الاستخفاف بحقوقهم، والعقوق لهم، وغير ذلك من ضمائر صدوركم لا يخفى عليه شيء من ذلك، وهو مجازيكم على حسن ذلك وسيئه، فاحذروا أن تضمروا لهم سوءاً، وتعقدوا لهم عقوقاً، وقوله (إن تكونوا صالحين) يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعمتم الله فيما أمركم به من البر بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، فإنه كان للأوابين بعد الزلة، والتائبين بعد الهفوة غفوراً رحيماً (2).

عن يحيى بن أبي كثير قال: لما قدم أبو موسى الأشعري وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه وأسلموا، قال: ((ما فعلت امرأة منكم تُدعى كذا وكذا؟)) قالوا: تركناها في أهلها، قال: ((فإنه قد غُفر لها)) قالوا: بما يا رسول الله؟ قال: (ببر والدتها، كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير أن العدو يريدون أن يغيروا عليكم الليلة، فارتحلوا لتلحقوا بعظيم قومهم، ولم يكن معها ما تحتمل عليه، فعمدت إلى أمها فجعلت تحملها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها ثم ألصقت بطنها ببطن أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت (3).

وعن طيلسة بن مياس قال: كنت مع الحدثان - أي الشبان - فأصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر، فلقيت ابن عمر رضي الله عنهما، فقلت: إني أصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر، قال: وما هي؟ قلت: كذا وكذا، قال: ليس من الكبائر، هي تسع وسأعدهن عليك ؛ الإشراك بالله، وقتل النسمة بغير حلها، والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلماً، والحاد في المسجد الحرام، والذي يستسحر، وبكاء الوالدين من العقوق، قال طيلسة: لما رأى ابن عمر فَرَقي - أي خوفي - قال: أ تخاف النار أن تدخلها؟ قلت: نعم، قال: وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: نعم، قال: أ حي والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فوالله لئن ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموبقات (4).

 

الهوامش:

 (1) سورة الإسراء من آية 23-25.

 (2) انظر تفسير القرآن العظيم، والجامع لأحكام القرآن، وجامع البيان في تفسير آي القرآن، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.

 (3) أخرجه عبد الرزاق باب بر الوالدين ح 20124-11/133 وهو مرسل.

 (4) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره سورة النساء 5/39.



بحث عن بحث