الحلقة (102):الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (30-32)

 

الأثر العاشر/ إن من أعظم الستر يوم يستر الله عبده في الدنيا والآخرة وهذه جملة من الأسباب التي إن تحلَّى بها المسلم فاز بستر الله عليه:

 

1- الإخلاص واجتناب الرياء ففي الحديث قال رسول الله (من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)(1).

2- عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه: فلو ستر المسلم نفسه كان في جميل ستر الله تبارك وتعالى له، فليس لدنيا إلا التوبة والاستغفار.

عن ميمون قال: "من أساء سراً فليتب سراً، ومن أساء علانية فليتب علانية. فإن الناس يعيّرون ولا يغفرون، والله يغفر ولا يعيرّ"(2).

 وهذا مشاهد فقد يبتلى الإنسان بمعصية ثم يتوب منها ويصبح أحسن الناس استقامة ومع هذا تجد من الناس من يذكره بذنبه الماضي ويعيره به والله المستعان.

وعن العلاء بن بذر قال: لا يعذب الله قوماً يسترون الذنوب.

وعن عثمان بن أبي سودة قال: لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله، قيل: وكيف يهتك ستر الله ؟ قال: يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس.

وقال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله والصالحين المؤمنين. وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها...)(3)

3-  الاستغفار والإكثار من العبادات: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه عليّ ، قال : ولم يسأله عنه قال: وحضرت الصلاة فصلى مع النبي عليه السلام فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه رجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقم فيّ كتاب الله. قال: أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك)(4)

فعلى العبد أن يكثر من الاستغفار والعبادات وأن يجدد التوبة دائمًا.

4- أن يستر على أخيه المسلم: فالمسلم إن ستر أخاه المسلم ستره الله يوم القيامة فإن الجزاء من جنس العمل فعن أبي هريرة عن النبي قال: (لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)(5)

وعن علام بن مسكين قال: سأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد رجل علم من رجل شيئاً أيفشي عليه ؟ قال : يا سبحان الله! لا.

وقد جاء في بعض الروايات والتي أوردت قصة ماعز بن مالك أن النبي قال لهزال الذي زنى ماعز بجاريته قال له الرسول: هلا سترته بثوبك لما رأيته يزني. فأجمع العلماء على أنه إن رأى المسلم أخاه يزني فإن ستره أولى بل وأجمعوا على أنه لو اجتمع أربعة شهود على زنا رجل وسألوا هل الأفضل أن نشهد أو نستر؟ أجمعوا على أن الستر أولى إن لم يكن مشهوراً بالفساد وأذية المسلمين (6)

تابع الستر على المسلم


(1) متفق عليه واللفظ للبخاري برقم ( 6499 ) .

(2) سير أعلام النبلاء 9/81.

(3) فتح الباري 10/487.

(4) رواه البخاري برقم ( 6823 ) ..

(5) رواه مسلم  برقم ( 2590 ) .

(6) من كلام الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي في شرح سنن الترمذي كتاب الصلاة. باب ما جاء في الاغتسال في يوم الجمعة.

 

 



بحث عن بحث