الخوف الجبلي

وهذا النوع من الخوف مباح، لأن الإنسان مفطور عليه، وهو أمر جبلي خارج عن كسبه وإرادته، وهو ملازم لجميع البشر، كلٌّ حسب حالته النفسية والشعورية، وحسب حالة الشيء المخيف الذي يختلف أثره من إنسان لآخر، فربما يخاف إنسان من شيء ما، ويكون هذا الشيء طبيعيًا عند الآخر، ولهذا لا يمكن حصر الأشياء التي يخاف منها الإنسان جبليًا، وقد ذكر الله تعالى في كتابه المبين هذا الخوف الذي أصاب نبيه موسى عليه السلام فقال: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}(1).

وقد تعرض لهذا النوع من الخوف أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين خرج مع النبي ﷺ في الهجرة، واتبعهم المشركون إلى باب الغار، فكان يقول رضي الله عنه للنبي ﷺ: يا رسول الله والله لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لرآنا، فيقول له عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.

وقد جعل الله تعالى هذا الخوف نوعًا من الابتلاء لبعض عباده ليميز الصادقين من غيرهم، وليمحص إيمانهم هل يصبرون؟ يقول تبارك وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}(2).

وإذا خرج هذا الخوف عن حدوده الجبلية والفطرية يتحول إلى مرض نفسي وحالة غير طبيعية تحتاج إلى معالجة ومتابعة، كالخوف من الفقر أو المرض أو الموت أو أو من بعض الأصوات أو من بعض المشاهد التمثيلية وغيرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [القصص: 21]

(2) [البقرة: 155]



بحث عن بحث