عوامل تقوية الخوف من الله:

ولعل من أهم العوامل والأسباب التي تولد الخوف من الله تعالى بالصورة التي يريدها الله تعالى هو:

1-  معرفة هذا الخالق في صفاته وأسمائه واستشعار عظمته جل وعلا، وذلك من خلال التفكر في كونه وخلائقه وصنعة إبداعه في ذلك والنظام الذي

يسير كل عالَم من هذه العوالم عليه من غير خلل أو اضطراب، وهذا الاستشعار يولد في النفس رهبة هذا الخالق وعظمته، وكلما أدرك الإنسان هذه العظمة

كلما ازداد إيمانًا ويقينًا بالله تعالى وازداد قربًا وعبادة وطاعة له جل ثناؤه، ومن أجل ذلك كان العلماء أشدّ خشية لله، لأنهم عرفوا الحقائق الكونية

والإبداعية لخالقهم أكثر من غيرهم، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(1).

2 – تدبر آيات الوعيد التي توعد الله العصاة والمعتدين، لما في هذه الآيات من تقريع وتخويف للنفس، حيث تقربّها من الطاعة وتبعّدها من المعصية، كقوله

تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}(2) .

3 – العلم بالله تعالى وبرسوله ﷺ، وبدينه وكتابه وشريعته، التي يعرف العبد من خلالها العبد الحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والطيب والخبيث، وجميعها

من الأسباب التي تزيد من خوف العبد من الله تعالى.

4– تأمل أحوال الكفار والعصاة الذين ذكرهم الله في كتابه من الأمم السابقة، كما في قوله تعالى في عاد وثمود: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ

وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ. فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ

عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ. وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا

كَانُوا يَكْسِبُونَ}(3) .

5– تدبّر النار وشدة عذابها، كما جاء في قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}(4)، وفي قوله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ

جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ. تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قَالُوا بَلَىٰ قَدْ

جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}(5).

----------------------------------------------
(1) سورة فاطر، الآية 28.

(2) سورة طه، الآية 124.

(3) سورة فصلت، الآيات 15-17.

(4) سورة الفرقان، الآية 12.

(5) سورة الملك، الآيات 6-9.



بحث عن بحث