ج – كما يستشعر المؤمن هذه المحبة حين يتلمس رحمة الله تعالى بعباده المذنبين، فهو الرحمن الرحيم، وهو العفو الغفور، وباب التوبة والاستغفار عنده لا

يُغلق ولا يسد، ومتى شعر الإنسان بخطئه وأناب إلى الله تعالى فإن رحمته قريبة منه، ولا ينقص ذلك من ملكه شيء، فهو القائل في محكم التنزيل: {وَمَن

يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}(8)

ويقول عليه الصلاة والسلام: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» (9).

د – إن معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، من الأسباب التي تولد المحبة عند العبد، كالعلم والرحمة والمغفرة والقدرة والكرم، كلها عوامل تزيد من قرب الإنسان

بربه ومحبته له وتقديم العمل الصالح بين يديه، فعلى سبيل المثال حين يتقرب المؤمن إلى الله تعالى بطاعة أو عمل صالح، فإنه يجازيه أضعافًا مضاعفة، كرمًا

وتفضلاً منه جل وعلا، فهو القائل: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}(10)، وهو القائل: {مَن جَاءَ

بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}(11).

فهذه المعرفة بالله تعالى وصفاته تصنع المحبة وتزيدها، يقول ابن تيمية رحمه الله: «وأصل المحبة هو معرفة الله سبحانه وتعالى، ولها أصلان: أحدهما، وهو الذي

يقال له محبة العامة لأجل إحسانه إلى عباده، والثاني: هو محبته لما هو له أهل، وهذا حب من عرف من الله ما يستحق أن يحبه لأجله» (12).
-------------------------------------------

(8) سورة النساء، الآية 110.

(9) أخرجه مسلم (ص1196، رقم 2759) كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن كثرت الذنوب والتوبة.

(10) سورة النساء، الآية 40.

(11) سورة الأنعام، الآية 160.

(12) مجموع الفتاوى 10/ 84-85.



بحث عن بحث