ما يخرج به الحاج من حجه

وهو ثمرة تعبه ونصبه

وفي نهاية هذه الرحلة الإيمانية، وبعد انقضاء أيام الحج، وفي أطهر البقاع على الإطلاق، وأحبها إلى الله، يرجع الحجاج إلى أوطانهم وذويهم، راجين من مولاهم تبارك وتعالى أن يتقبل حجهم، وأن يضع أجر تلك الرحلة في موازين حسناتهم، ويمكن الإشارة إلى ما يخرج به الحاج من رحلة الحج من خلال النقاط التالية:

1- مغفرة الذنوب :

من أهم ما يجنيه الحاج من حجه وهي ثمرة أتعابه وأسفاره ودعواته وثنائه لخالقه، وتعظيمه شعائره، وإفراده بالألوهية والربوبية، هو المغفرة التامة من الذنوب والخطايا، والطهور الكامل مما كان عالقًا به من الأوزار والمعاصي، وهو الغاية التي كانت من أجلها رحلته وزيارته لأداء هذا النسك العظيم، يقول المطصفى عليه الصلاة والسلام: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة».

ويقول أيضًا: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النارمن يوم عرفة».

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «ما من محرم يضحى لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه».

2-تطهير القلب وعدم الرجوع إلى المعاصي:

كما أن الحج رحلة بدنية ومالية يجهد فيه الحاج ويتعب، من حيث أسفاره من بلاده التي قد تبعد آلاف الأميال، تنقلاته بين المشاعر المقدسة وسط ازدحام سكاني هائل، وكما أنه بذل المال الكثير في سبيل الوصول إلى هذه البقاع المباركة، بالرغم من هذا كله إلا أنه رحلة روحية تتطهر فيه النفس وتسمو إلى أعلى مراتب النقاء والصفاء، لأن أيام الحج المباركة هي ذكر لله تعالى وتعظيم له ولشعائره، وتنفيذ لأمره، لا يدخلها شيء من حطام الدنيا ومشكلاتها، وليس فيها خصام ولا جدال، من أجل ذلك قال رسولنا الأمين عليه الصلاة والسلام: «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».

فإذا رجع الحاج إلى أهله وبلده وقد غفرت خطاياه، وأصبحت صفحته عند الله تعالى بيضاء كصفحة الطفل الوليد، فعليه أن يحافظ على النقاء في صحيفته، وأن يتوب إلى الله تعالى ويطلب منه القوة والثبات على طاعته، ويقول بعد كل صلاة كما أوصى الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام معاذًا: «يا معاذ إني أحبك، فقل دبر كل صلاة: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، والنفس إذا تمرست واعتادت على الطاعة والذكر أيام الحج فإنه يسهل عليها الاستمرار والبقاء على هذا النمط بعد الحج، فيكون الحج فرصة للحاج بعدم العودة إلى المعاصي كسابق عهده قبل الحج، ليبقى القلب معلقًا بالله ورسوله ولا يخرج عن أمرهما.

3- رفعة في الدرجات :

بالإضافة إلى أن الله تعالى يغفر للحاج ذنوبه ويرجعه إلى أهله كيوم ولدته أمه، فإن هذا الحاج يصبح صاحب منزلة عالية عند ربه ومقام كريم، لأنه استجاب لأمر خالقه حينما ناداه: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾، وترك الدنيا وراءه، وتجرد عن الملذات والشهوات في سبيل هذا النداء، فأعد الله لهذا الحاج مقامًا خاصًا، يقول عليه الصلاة والسلام: «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

4- تعظيم الله :

وتعظيم الله تعالى من أهم مقاصد الحج بداية، ثم إنه ثمرة من ثماره، فالحاج لا يردد أثناء أيام الحج إلا ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره، وذلك تعظيم لله تعالى، فالذي استجاب لأمر الله وندائه عندما ناداه بالحج، والتزم خلال مسيرة الحج بآداب النبوة وأخلاقيات الرسول  صلى الله عليه وسلم  في أفعاله وأقواله إنما هو أكبر تعظيم للخالق تبارك وتعالى، على خلاف ما كان عليه المشركون الذين كانوا يعظمون كبار آلهتهم في هذه الأيام المباركات، فلم يجاوزوا تعظيم اللات والعزى وهبل، يقصدونهم بكل شيء، ويقدمون لها قرابينهم وطاعاتهم.



بحث عن بحث