العلم بواقع المدعوين مطلب أساس في الدعوة:

يجب على الداعية أن يتعرف على واقع المدعوين، وعلى ظروفهم المحيطة بهم، ومتطلبات الزمان الذين يعيشون فيه، والمكان الذي ينتسبون إليه.

يقول الإمام ابن القيم : مبينًا أهمية معرفة المفتي – وأقول وكذا الداعية – بواقع الناس: «معرفة الناس أصل عظيم يحتاج إليه المفتي والحاكم.. وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح، فإنه إذا لم يكن فقيهًا في الأمر له معرفة بالناس تصور له الظالم بصورة المظلوم وعكسه... بل ينبغي أن يكون فقيهًا في معرفة مكر الناس وخداعهم واحتيالهم وعوائدهم وعرفياتهم، فإن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد والأحوال، وذلك كله من دين الله».

وقال أيضًا: «ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والإمارات والعلامات حتى يحيط به علمًا.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع.

ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرًا، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله،... ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا، ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم، ونسبة إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله».

إن الانطلاق من تصور صحيح واقعي لأحوال الناس وظروفهم، ومعرفة صحيحة لما يريده الله منهم، يجعل المسلم بعامة، والداعية بخاصة موفقًا في خطابه مثمرًا في دعواته. وكذا الدعوة في منهاجها العام.



بحث عن بحث