منهج الإسلام تجاه العناية بالكل أو الجزء:

ولعل النظرة الصواب – بعد التأمل فيما سبق من التنظير في الأولويات- أن نتمعن في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته سواء في مكة أو بعد هجرته إلى المدينة.

كما نتمعن ونتأمل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وبشيء من هذا التأمل يظهر ما يلي:

1 – أن الإسلام عقيدة واضحة، عبادات ومعاملات، وأخلاق وشمائل في دائرة متكاملة، فالإسلام ليس عقيدة فحسب، أو عبادة مباشرة فقط، أو معاملة منفصلة عن العقيدة.

2 – ولذلك نجد في الإسلام نظامًا اجتماعيًا، ونظامًا اقتصاديًا، ونظامًا أخلاقيًا، ونظامًا سياسيًا، تنبع كلها من عقيدة الإيمان بالله جل وعلا.

3 – وكما ينظر الإسلام في تشريعه إلى صلاح الفرد، فهو ينظر كذلك إلى صلاح الأسرة، والمجتمع، والدولة، كل ذلك بنظرة شمولية يكمل بعضها بعضًا.

4 – وكما ينظر أيضًا إلى النظرة القريبة [الأقربين) بمنظار قريب فهو ينظر أيضًا إلى المسلمين بمنظار مماثل لكن بدرجة تلي الأقربين.

5 – وينبني على ذلك: الدعوة إلى الله جل وعلا الذي يجب أن تعطي الدعاة النظر إلى مجموع هذه القضايا، ليضعوا الأشياء في مواضعها، وتبنى المناهج الدعوية على هذه النظرة الشمولية التي يتفرع عنها العناية بالكل، والمجموع، والعناية بالجزء، والفرد.

ومن ذلك:

أ – الدعوة إلى إصلاح الفرد والأسرة، من جميع جوانب الإصلاح، وتبنى برامج لذلك، وتتخصص مؤسسات وهيئات ودعاة لذلك.

ب – الدعوة إلى تقويم ما اعوج من السلوك العام، سواء كان عقديًا، أو عباديًا، أو أخلاقيًا، أو ماليًا أو غيرها، وتبنى برامج لذلك.

ج – الدعوة إلى إصلاح المؤسسات وأنظمتها وتعاملها مع الناس، وتبنى البرامج في ذلك. ويتخصص لها دعاة ومصلحون.

د – الدعوة إلى الاهتمام بقضايا المسلمين بعامة، وعدم التهوين من شأنها، أو إلغاء غيرها، وأن تأخذ حظها في الأولويات، ويتخصص لها مختصون، وهكذا، ومحصلته:

- كما يعتني بكليات الدين، وكبرى القضايا يعتنى بجزئيات الدين.

- وكما يعتني بإصلاح الأوضاع يعتنى بإصلاح الأفراد.

هذه هي النظرة التكاملية، التي تدعو إلى: أن يسير الاتجاهان في خطوط متوازية وليس في خطوط متعارضة، وكلها دعوة لله عزَّ وجل ولا ينبني على ذلك التفاضل عند الله تعالى فهذا يخضع لعوامل أخرى وليس عائدًا لمجرد نوعية العمل فحسب.



بحث عن بحث