التدرج لا يبيح حرامًا ولا يسقط واجبًا:

إن تقرير قضية التدرج في منهج الدعوة، لا يعني: إسقاط الواجبات أو إباحة المحرمات.

فالواجب واجب إلى قيام الساعة، والمحرم محرم إلى قيام الساعة.

فإن قيل: فكيف يرى الحرام ولا ينكره؟، قيل: يجوز أن يسكت عنه سكوتًا مؤقتًا إذا كان يعالج ما هو أكبر منه، أو يمهد لإنكاره، وإلا فكيف كان يسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يعلم وجوب تغييره؟ كما سبق ذكره في بعض الأمثلة.

بهذا يتضح أن التدرج: هو منهج دعوي يخص الداعية، لينقل المدعوين من حال إلى حال، لا أن يبيح لهم ما حرم الله، أو يسقط عنهم ما أوجب الله، ويتضح هذا في صورتين:

الأولى: صورة من كان مسلمًا، ويعيش بين المسلمين والعلماء، قد عرف التوحيد والشرك، والحلال والحرام، فهذا ليس له في التدرج شأن.

الثانية: صورة من كان يريد الإسلام، أو هو حديث عهد بجاهلية، لا يعرف توحيدًا ولا شركًا، ولا حلالًا ولا حرامًا، فهذا الذي شرع في حقه التدرج، ولا يحاسب إلا على ما بلغه، وأقيمت الحجة عليه فيه.

ويلحق هذه الصورة من كان غارقًا في جهله، غائصًا في ذنوبه فيستدرج إلى الخير درجة درجة، وينقذه من الضلال دركة دركة.

والخلاصة: بعد هذا التأصيل في قضية التدرج نخلص إلى:

1- أن التدرج سنة كونية وسنة شرعية.

2- أن التدرج منهج دعوي خاضع للحال والزمان والمكان والداعية والمؤسسة الدعوية.

3- أن التدرج منهج دعوي لا يلغي حكمًا واجبًا فينقله إلى غير الوجوب ويلغي حكمًا محرمًا، فينقله إلى غير التحريم.

4- أن للتدرج فوائد عظيمة وآثارًا إيجابية إذا ما اتخذ منهجًا أحسن تطبيقه في الدعوة.



بحث عن بحث