من حقوق القرآن الواجبة المتعينة على كل فرد

 

العمل به؛ مؤتمرًا بأوامره، ومجتنبًا نواهيه، وواقفًا عند حدوده، ومحكمًا له في كل شؤون حياته، قال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم﴾ [الزمر: 55]، وقال سبحانه: ﴿وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأنعام: 155]، قال ابن مسعود رضي الله عنه واصفًا حال الصحابة ي: «كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن».

 

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: «حدّثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا»([ii]).

 

وعليه: فينبغي للمؤمن أن يحرص على تعلمه وإتقان قراءته ومعرفة تفسيره، وتعليمه للناس، كل بحسب حاله وقدراته، ومن وسائل تعلمه: قراءته مع أحد القراء المجيدين، وكثرة الاستماع إليه، واستشعار أنه كلام الله عز وجل، وأن العبد مخاطب به.

 

 

ومن حقوقه:

الإنصات عند سماعه أو الاستماع إليه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204].

 

 

ومن حقوقه:

التزام الأدب معه، فلا يمسه إلا طاهر، ولا يقرؤه من عليه حدث أكبر حتى يغتسل، ولا يهان في حمله ووضعه، وإذا ناوله شخصًا آخر فبيده اليمنى، ولا يرميه، ولا يمزقه، ولا يكتب عليه ما لا حاجة له به، وإذا تمزق فلا يجوز رميه؛ بل يحرقه ويدفنه في موضع طيب، ويجعله أعلى من غيره، ولا يتكئ عليه، ولا يجلس على شيء فيه مصحف كالحقيبة ونحو ذلك، فيُراعى كل ذلك احترامًا لكتاب الله تعالى، والتزامًا للأدب معه.

 

 

ومن حقوقه:

عدم هجرانه، وهو لازم لما سبق من حقوقه، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان: 30]، وهجر القرآن يكون بهجر الإيمان به أو التصديق بما فيه، أو هجر قراءته وتدبره، أو هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، أو هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، أو هجر سماعه والإصغاء إليه.. إلى غير ذلك من صور الهجر.



([ii]) رواه البخاري في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن (5027)، وأبو داود في الصلاة، باب ثواب قراءة القرآن (1452).



بحث عن بحث