من توحيد الله عز وجل

 

توحيده سبحانه في أسمائه وصفاته، فقد سمّى الله تعالى نفسه في كتابه وسمّاه رسوله صلى الله عليه وسلم بأسماء، ووصف نفسه تعالى ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم بصفات، فواجب المسلم تجاه هذا التوحيد أن يسمي الله تعالى ويصفه بما سمّى ووصف به نفسه وبما سماه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ منغير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، فهي أسماء وصفات تليق بجلال الله تعالى وعظمته، لا يشابهه فيها أحد من خلقه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ  الْبَصِيرُ [الشورى: 11]، فهو سبحانه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، له المشيئة النافذة، والحكمة البالغة، وهو سبحانه سميع بصير، رؤوف رحيم، على العرش استوى، وهو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون... إلى غير ذلك من الأسماء الحسنى، والصفات العلى.

 

فمن حق الله تعالى على المسلم أن يؤمن بما له سبحانه من أسماء حسنى وصفات عليا، ولا يُشرك غيره فيها، ولا يتأوّلها فيعطلها، ولا يشبهها بصفات المخلوقين فيكيِّفها أو يمثِّلها؛ بل يثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، وينفي عنه ما نفاه تعالى عن نفسه ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون [الأعراف: 180]، وقال سبحانه: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ [الإسراء: 110].

 

وقد تمثَّل السلف الصالح هذا المنهج القويم، سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله عليه السلام: ﴿الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ﴾ [طه: 5]، فقال: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة»، وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: «آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله»، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول في معرض كلامه عن الصفات: «نؤمن بها، ونصدِّق بها، لا بكيف ولا معنى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ  الْبَصِيرُ﴾».

 

 

أيها الأخ المسلم!

كانت هذه وقفات وإشارات موجزة؛ علّها أن تنبِّهنا إلى مراجعة هذا الحقّ الأساس والأهم، فليراجع كل منّا نفسه؛ ليجدد إيمانه واعتقاده وتوحيده، ويزداد لله خشية وإجلالًا وتعظيمًا، ويُرى أثر ذلك عليه في عمله وسلوكه.

 

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول به بيننا وبين معصيته، ومن طاعته ما يبلغنا به جنّته، ومن اليقين ما يهوّن به علينا مصائب الدنيا، إنّه سميع مجيب، وهو المستعان.

وللحديث بقية في الدروس القادمة إن شاء الله تعالى.

 

 




بحث عن بحث