الإرهاص لآدم عليه السلام

 


كان الإرهاص موجودا منذ اللحظات الأولى للحياة الدنيا ووجود الإنسان فيها ،فحينما أراد الله أن يلقي الأضواء حول عبده آدم قبل أن يكون له شأن معروف ، أخبر الملائكة بقوله ــ سبحانه: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) فأدرك الملائكة من هذا ، أو من أمارات بجانب هذا النبأ : أن ذلك تنويه بما يكون لآدم في هذا العالم من قدر خطير ، لأن آدم هو الوافد عليهم من الأرض ، وليس لديهم مخلوق يتجه إليه الفكر سوى هذا الإنسان الأرضي ، الذي كرمه ربه ــ أولا ــبرفعه إلى الجنة ، فذلك إرهاص مبكر ، تنبه له الملائكة ، وعلقوا عليه بالاستفهامات والتعجب ، وسبق إلى ذهنهم أنهم خير وأولى بالخلافة في الأرض من هذا الإنسان الأرضي الذي لم يكن مستخلصا مثلهم من عالم النور ، ولا مطبوعا مثلهم على تسبيح الله ، والتقديس له .

ولكن الله رجع بهم إلى حكمته ، وعلمه الرباني ، فقال لهم : (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) .

ثم كان إرهاص آخر : بما أفاض الله على آدم من علم لم تتهيأ له طبيعة الملائكة : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ) أسماء المخلوقات من بحار ، وأشجار ، وجبال ، ونجوم ، وكائنات أخرى .... مما له ارتباط بحياة آدم في الأرض التي سيكون خليفة فيها هو وذريته إلى يوم القيامة، يعبدون الله فيها ، ويستثمرونها بجهودهم .

وكان إرهاص ثالث : بتلك المناظرة التي امتحن الله فيها الملائكة ، إذ عرض عليهم أن يجيبوا عن تلك المسميات ، فلم يكن لهم الإمداد الذي ظفر به آدم ، لعدم ألأهلية لذلك العلم ، ولكن آدم كان بطبيعته متأهلا ، وكان بإمداد الله له عالما ، ,مجيبا عما سئل .

وكان إرهاص رابع : بتكليف الله للملائكة أن يعظموا ىدم تعظيما يناسب مقامه بعد أن تبين لهم ما كان خافيا عليهم من حكمة الله في صنعه ، واختياره للإنسان دون الملائكة .

وكان الإرهاص الخامس : بتوبيخ الله لإبليس على امتناعه من تعظيم آدم تعظيما أشاد الله به ، حتى سماه سجودا ، وإن لم يكن سجودا على الجبهة كما نعهد ، فإن هذا النوع لم يشرع لغير الله تعالى .

وينتهي ذلك الإرهاص في هذه القضية بطرد إبليس من الجنة ، رجيما مسخوطا بلعنة الله إلى يوم الدين بسبب عصيانه لله فيما أمره من تعظيم آدم

لم يكن آدم أثناء هذا نبيا ، ولا رسولا ، وإنما هي تمهيدات لما سيصادفه بعد ذلك من الوحي ... فأي إرهاص يكون أبلغ من هذا في مطلع التاريخ البشري

 

 

 



بحث عن بحث